تمرينات

بطل شهر يوليو "سيرجيو أوليفا" الأسطورة الذهبية لكمال الأجسام

الثلاثاء , 06 يوليو 2021 05:30 م
سيرجيو أوليفا

بطل شهر يوليو ظاهرة رياضية غير مسبوقة في رياضة كمال الاجسام ، ورغم أن هذا الاسم ليس معروفًا لدى عامة الناس مقارنة بالنجم العالمى أرنولد شوارزنيجر، الذي ساعد على ذياع صيته عمله فى السينما وتحقيق أفلامه لإيرادات ضخمة، الا أن سيرجيو المهاجر الكوبي الملقب بـ "الأسطورة"، استحق هذا اللقب عن جدارة فهو بطل حقيقي خرج من كتب الحكايات ورويات الأدب اللاتينى ليؤكد أن الإنسان قادر على مقاومة أي صعوبات والتغلب عليها من أجل تحقيق الحلم ليسطع نجمه فى عالم الرياضة، ويصبح أول لاعب كمال أجسام أسود يعرف طرق الفوز بالألقاب الأغلى فى عالم اللعبة.

جمع سيرجيو أوليفا بين الجينات المذهلة والتوزيع العضلى، وترك إرثًا كبيراً خاصة بعدما فاز بثلاثة ألقاب مسترأولمبيا، ولا يزال العديد من المشجعين يصفونه بأنه أعظم لاعب كمال أجسام في كل العصور، ويكفي أنه الوحيد الذي تفوق على أرنولد شوارزنيجر في مستر أولمبيا وذلك عام 1969، ليصبح أسطورة العصر الذهبي الدائم.

الطفولة والشباب

ولد أوليفا سيرجيو في هافانا، عاصمة كوبا يوم 4 يوليو 1941، ونشأ وسط عائلة بسيطة، حيث كان يعمل والده جامعًا لقصب السكر، وفي سن الثانية عشر بدأ مشواره مع العمل، حيث انضم لوالده وساعده في مزرعة بجوانا باكاو.

مهنة جمع القصب لم تكن بالعمل الهين على فتى صغير فى مقتبل حياته العملية وربما يكون لهذا العمل الشاق الذى بدأ من خلاله سيرجيو مشوار حياته العملية دوراً كبيرًا فى تكوين جسمه الضخم المفتول بالعضلات.

عندما بلغ سيرجيو من العمر 16 عاماً نصحه والده بالالتحاق بجيش باتيستا لمحاربة قوات فيدل كاسترو، ولعب والده دوراً في حياة نجله، لأنه وفقا لنصيحته اقنعه بضرورة ممارسة الرياضة وتحديداً رفع الأثقال التى من الممكن أن تساهم فى تكوين مقاتل مميز فى الجيش، وبعد انتصار كاسترو في الحرب ، عاد سيرجيو أوليفا إلى الشواطئ الكوبية، وسرعان ما توقف حلم المقاتل وبدأ حلمه مع رفع الأثقال بنصيحة من أحد اصدقائه الذي اقنعه بالدخول فى منافسات البطولة المحلية فى بلاده.

الهروب الكبير

وفي عام 1962 ، حصل سيرجيو أوليفا على المركز الثاني في البطولة الوطنية لرفع الأثقال فى كوبا، بفارق ضئيل من النقاط عن منافسه ألبيرتو راي صاحب المركز الأول الذى ترشح لتمثيل بلاده فى بطولة ألعاب أمريكا الوسطى في كينجستون بجامايكا، وقتها لعب الحظ دوره مع أوليفا بعدما تعرض ألبيرتو راي لإصابة بالغة حرمته من السفر، ليتأهل بدلاً منه ويشارك فى البطولة على حسابه، لكن المفاجآت لم تتوقف بعد لأن أوليفا سيرجيو استطاع الهرب من بعثة منتخب بلاده وتوجه إلى   القنصلية الأمريكية ، وطلب حق اللجوء السياسي، وبعده بعدة ايام اتبع اسلوبه فى 65 رياضيًا كوبيًا آخر بطلب حق اللجوء للولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك فريق رفع الأثقال بأكمله.

وعندما سافر سيرجيو إلى أمريكا وضع قدميه فى ميامى بفلوريدا، واستقر هناك بعد الحصول على الجنسية، وبدا مشواره العملى هناك فى العمل باصلاح التلفزيونات، ثم انتقل بعدها إلى شيكاغو ، إلينوي ، حيث حصل على وظيفة في مصنع للحديد والصلب بفضل بنيته الجسدية القوية.

ظاهرة رياضية

رغم العمل الشاق الذى كان يؤديه سيرجيو يومياً على مدار فترات تتراوح من  10 إلى 12 ساعة، الا أن بطل المستقبل لم يبتعد عن ممارسة الرياضة وكان يتدرب بشكل يومى لمدة ساعتين أو ثلاثة وهو ما لفت انتباه لاعب كمال أجسام محلى شهير يدعى بوب غاج، تتلمذ سيرجيو على يديه وبات مهتماً أكثر برياضة كمال الأجسام.

لعبت الجينات والسمات الهيكلية للجسم دورًا فى تفوق سيرجيو ليصبح ظاهرة من نوع خاص، لأنه لم يكن يجيد اللغة الإنجليزية، ويتدرب بشكل عشوائي يحاول من خلاله تقليد الرياضيين فى صالة الألعاب الرياضية، لكن الغريب فى الأمر انه حصل على نتائج يراها المتخصصون مذهلة مقارنة بمن كانوا ينافسونه خلال هذه المرحلة.


المجد والشهرة

لم يستمر أوليفا بعيداً عن المنافسات فقد كانت مشاركته الأولى موعداً لإنطلاق نجمه فى اللعبة حيث فاز ببطولة " يونج شيكاغو لاند" عام 1963، ثم بطولة مستر إلينوى ومستر أمريكا، وبدأ اسمه يلمع، وينافس لاعبي كمال الاجسام المشهورين مثل لاري سكوت ، بيل بيرل وتشاك سايبس.

في عام 1966 ، فاز سيرجيو ببطولة مستر " Worled" الدولية، وبعدها بعام واحد حصل على لقب سيد الكون، ليزداد اسمه شهرة وبريقاً فى عالم كمال الأجسام الذى كان على موعد مع فوزه بالبطولة الأعظم مستر أولمبيا عام 1967 ليصبح أول لاعب يفوز باللقب بسرعة لم يتوقعها أحد بخلاف أنه نجح فى تكرار هذا الإنتصار العظيم ثلاث مرات أخرى. ليدخل تاريخ اللعبة من أوسع أبوابها.

كان النصر في عام 1968 ذا أهمية خاصة لسيرجيو أوليفا، حيث أظهر لاعب كمال اجسام نتيجة غير مسبوقة بعد الفوز بلقب مستر أولمبيا للمرة الثانية على التوالي عن جدارة، وهي مدرجة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وفي عام 1969 ، هزم الرياضي الشاب أرنولد شوارزنيجر الطموح ، الذي حصل في ذلك الوقت على لقب "سيد الكون" أربع مرات.

سيرجيو V أرنولد شوازينجر

لا يختلف الكثيرون على أن البطل النمساوى كان على موعد مع التألق في سماء رياضة كمال الأجسام، ويكفى أنه الوحيد الذي حطم كل الأرقام القياسية ونجح فى الفوز بلقب مستر أولمبيا 7 مرات منها 6 مرات متتالية، الا أن هناك علاقة متشابكة بين سيرجيو أوليفا وأرنولد تتمثل في أن الأخير نجح فى التفوق عليه على مسرح مستر أولمبيا عام 1969 في وقت كان الجميع يتوقع فوز أرنولد الحاضر بعد الفوز بلقب بطل الكون 4 مرات متتالية، ورغم أن شوارزينجر استطاع رد اعتباره فى العام التالى وتفوق عليه بنتيجة 4-3 وفاز باللقب عام 1970، الا أن أنصار سيرجيو وعشاقه اتهموا اتحاد اللعبة وقتها بالتحيز للنجم صاحب الأصول النمساوية على حساب البطل الأسمر صاحب الأصول الكوبية.

فى عام 1971 تم حرمان سيرجيو من المشاركة فى مستر أولمبيا بسبب خلافات بين اتحادات اللعبة ليتوج مجدداً أرنولد باللقب وسط أحزان عشاقه وأنصاره الذين كانوا يرون أن هناك مؤامرة لإبعاد الأسطورة عن منصات التتويج.

أرنولد شوارزينجر فى مذكراته يقول عن أول لقاء بينه وبين سيرجيو: " رأيت سيرجيو أوليفا شخصيًا لأول مرة عام 1969 وفهمت وقتها سبب تسميته بـ" الأسطورة "، يومها كان المكان صاخب جدًا كان ضخمًا جدًا، ورائعًا للغاية، ولم يكن هناك أي طريقة يمكن أن أفكر بها في ضربه، بل إنني اعترفت بهزيمتي وشعرت أن بعض المضخات الخاصة بي تختفي، حاولت كثيراً أن استعرض عضلاتي لكنني تأثرت بشدة برؤيتي الأولى لسيرجيو أوليفا لدرجة أنني ارتضيت الفوز بالمركز الثاني قبل أن نخرج على المسرح ... لا أحب أبدًا الاعتراف بالهزيمة ، لكنني اعتقدت أن سيرجيو كان الأفضليومها بكل تأكيد".

ويقول أرنولد عن المواجهة الثانية عام 1970:" بدا لى على المسرح أن جميع لاعبي كمال الأجسام البارزين في أفضل حالاتهم باستثناء سيرجيو، الذي كان الأكثر إثارة للإعجاب مقارنة مع باقي اللاعبين الآخرين الذين واجهتهم ، كان سيرجيو حقًا في فصل دراسي بمفرده، لقد أدهشني مرة أخرى في اللحظة التي كنا فيها على المسرح معاً، وكان من الصعب جدًا أن أبدو مثيرًا للإعجاب بجانبه فهو عضلات فخذ لا تصدق ، صاحب خصر الضئيل للغاية ، تلك العضلة ثلاثية الرؤوس المذهلة كلها أمور اتذكرها جيدًأ".


المواصفات الجسدية

سيرجيو لم يكن طويلاً للغاية بل كان صاحب طول جيد 178 سم، ووزنه 111 كيلو، لكنه كان يتمتع بأصغر قياس للخصر لأي بطل ففي تاريخ مستر أولمبيا في يبلغ 28 بوصة، كما أنه الفائز الوحيد باللقب الذي كان قياس فخذيه أكبر من قياس خصره (29 بوصة في الفخذين و 28 بوصة الخصر).

وحافظ على فارق 20 بوصة بين قياسات خصره وصدره طوال مشواره في رياضة كمال الأجسام، وفي عام 1972 كان صدره 58 بوصة وخصره 28 بوصة فقط وهى قياساتلم حظ ها أي آخر من أبطال اللعبة على هذا المستوى الإحترافي.


الانجازات

فاز سيرجيو بأكثر من عشرين لقب أبرزها: مستر اولمبيا 3 مرات ، ومرتين كأس العالم للمحترفين ، ومثلهما بطولة العالم للمحترفين وسيد الكون ، ومستر جالاكسي ، و3 مرات مستر أوليمبوس والعديد من بطولات اتحادات WBBG و WABBA .

 في عام 1984 عاد سيرجيو للظهور من جديد على مسرح مستر أولمبيا ووقف وعمره 43 عاما وفاز فقط بالمركز الثامن ، لكن الجمهور كان ساخطا من قرار الحكام وأكدوا أنه تعرض للظلم لأن هناك تحيز للاعبين الأصغر سنًا خلال هذه المرحلة، بخلاف أنه لم يكن على وفاق مع اتحاد اللعبة لفترات طويلة ولعب لفترة طويلة مع اتحادات WBBG و WABBA وحقق معها انتصارات كبيرة.

الحياة الشخصية

عمل ضابط شرطة في شيكاغو لأكثر من 25 عامًا، ونجا سيرجيو من إطلاق النار عليه من قبل زوجته آنذاك أرلين جاريت في عام 1986، وأصيب بخمسة أعيرة نارية في بطنه من عيار '38 '، ابنه سيرجيو أوليفا جونيور ، سار على خطى والده في كمال الأجسام التنافسي في شيكاغو ، إلينوي لكنه لم يصل إلى مستويات الأب الأسطورة.

عمل بالتمثيل وشارك في بطولة فيلم مصارعة مكسيكي في عام 1975 مع الممثلة والمغنية الفنزويلية ميل ماسكاراس بعنوان Negro Black Power، حيث لعب دور عامل رصيف قوي للغاية يتعارض مع نقابة الجريمة المحلية، وفي عام 1977 ، لعب سيرجيو دور البطولة في فيلم أكشن مكسيكي ثانٍ اسمه" The Fearful Ones".    


الوفاة

فى 12 نوفمبر عام 2012 ، رحل سيرجيو عن عالمنا بسبب اصابته بالفشل الكلوي، عن عمر يناهز الـ 71 عامًا، وترك أسطورة كمال الاجسام خلفه تاريخًا مليئاً بالإنجازات والكفاح والمثابرة ليصبح أسطورة العصر الحديث فى اللعبة.